رواية المطارد (كاملة حتي الفصل الاخير) بقلم امل نصر
تنهض عن طعامها بتهكم
ايه ست الدكتورة مش ناوية بقى تدي تصريح بالخروج للمريض اللي جوا ده عشان ما يجبلناش احنا المړض
وقفت محلها يمنى لاتجد من الكلمات المناسبة كي ترد على تهكم عمها يونس وسخريته تخاف أن يزل لسانها وتسمعه مايستحقه انقذتها والدتها عن التفكير وهي تأمرها
سيبك منه يايمنى وروحي انت على اؤضتك دلوك
لا ياما انا رايحة اشوف صالح ليكون خلص عشاه عشان اديلوا علاجه
اصدر يونس صوت طقطقة منزعجة بفمه وهو يراقب ذهاب يمنى وتجاهلها له
وه وه يابت سالم دا انت مابقاش فيحد مالي عينك على
كدة هي افتكرت نفسها دكتورة صح دي ولا ايه
وجه سؤاله الاخير لسالم الذي نهره بنفاذ صبر
اللي خاېف منه
تمتم يونس بقلق
بعد الشړ عليك ياخوي يكفينا يارب شړ المصاېب انا لا بتوقع ولا بنيل وان كام كلامي شديد فدا من خۏفي عليك انت و عيالك
اومأ سالم برأسه لأخيه بتفهم فهو أدرى الناس بصدقه ثم سأل بانتباه
تمتمت بها يمنى وهي تتناول اناء الماء من صالح الذي شرب منه كي يبتلع به دواءه ردد خلفها بالأمتنان قبل ان يسالها مباشرة
عاملة ايه دلوقت
رفعت رأسها اليه مجفلة ترد
كويسة والحمد لله هو انت ليه بتسأل
نظر اليها بمغزى مع ابتسامة متسلية فتذكرت هي مايرمي ليه فقالت حانقة
خبئت ابتسامته يجييها پألم
جربتوا كتير طبعا فوق ما تتصوري بس انا مابلومش عليك ولا بتريق انا بسال سؤال عادي
مش باين عليك بصراحة ومش مصدقاك
قالت بتشكك اثار ابتسامته المشاكسة مرة أخرى فقال
اومات برأسها مع ابتسامة صفراء
ماشي ياسيدي ياعم الحساس انت ربنا يزيك ممكن بقى توريني چرح كتفك اشوفه لم ولا لسة
نعم !
تمتمت بها بعدم تركيز فنزلت بعيناها نحوه لتفاجأ بابتسامة متسعة وغير مفهومة انارت وجهه حدقت اليه قلبلا ببلاهة قبل أن تنتبه على وضعها بهذا القرب الكبير منه والذي يبدوا أنه كان مستمتع به وهي غافلة عنه ارتدت للخلف متجهمة الوجه غاضبة
على فكرة انت لازم يبقى عندك زوق اكتر من كدة انا بشوف لك الچرح وانت بتسظرف واكن ولا هامك
طب وانا هخاف ولا اقلق ليه طيب مش انت قولتي ان الچرح بيلم يبقى خلاص بقى انا اساسا بثق في كلامك
قال بهدوء وعدم اكتراث اثارها استيائها أكثر
تثق في مين ياعم انا يدوبك طالبة في نهائي تمريض يعني مش دكتورة ولا نيلة والعلاج اللي بديهولك دا جه معايا كدة بالبركة من خبرتي القلية في ممارسة المهنة ومذاكرتي في كتب الدراسة يعني مش دكتورة ولا
________________________________________
دارسة طب
وانت مدخلتيش طب ليه انا شايف انك ممتازة وتستحقي ولا انت ماجبتيش مجموع الطب
سأل متجاهلا جميع كلماتها تنهدت هي بيأس منه قبل أن تجيبه بسأم
لا ياسيدي جيبت مجموع الطب بس للأسف ابويا مرديش ان اسافر وادرس في محافظة تانيه بعيد عنه فاضطريت ان اتخلى عن حلمي وعوضت دا في دراسة التمريض استريحت بقى
اومأ برأسه ينظر بصمت وقد اكتست ملامحه الغموض او انه تأثر بكلماتها لا تعلم دنت تتناول صنية الطعام لتخرج بها ولكنه أوقفها سائلا
مش هاتقولي يايمنى ايه اللي كان مزعلك كدة الصبح ومخليكي تبكي بالحړقة دي
باغتها بسؤاله الذي لم تتوقعه منه ردت بدفاعية كالعادة
وانت مالك ابكي بحړقة ولا ازعل حتى يخصك في إيه
شعرت بالندم حينما رأت تاثير كلماتها عليه وقد رأت كم الحزن الذي غلف صفحة وجهه همت تعتذر ولكنها فضلت التجاهل حتى يتذكر حجم المسافة بينهم ولا يكرر التدخل فيما لايعنيه أستأذنت للخروج رغم حزنها هي أيضا بردها الجاف عليه!
دلفت سمر لداخل الغرفة
التي تتشاركها مع شقيقتها ندى بعد ان انهت طعامها وجدتها تستمع لإحدى الاغاني
الشعبية بجوارها وكأنها بعالم اخر
ست الحسن والجمال وطي صوت الاغاني شوية عشان انا عايزة اذاكر ممكن
أخفضت ندي صوت السماعات قليلا مردفة ببرود
اديني ياختي وطيت الصوت على الله تفلحي بقى وماتجيبش اللوم عليا لو ريحتي السنادي
فال الله ولا فالك ياشيخة بعد الشړ مايحصل ايه ياندى مش تخلي بالك من كلامك اللي بتدبيه كدة وبس!
قالت سمر بجزع فردت الأخرى غير مبالية
ومالك اټخضيتي كدة وقلبك طب في رجلك دي حتى كلمة عادية يعني مش مستاهلة
قالت سمر بلوم
لا ياندى مستاهلة عشان انا في ثانوية عامة وانت ادرى بالضغط اللي عليا عشان الدرجة الواحدة بتفرق في مستقبلي كله ولا انت عايزاني اشرحلك كمان
لا ياختي لا تشرحيلي ولا اشرحلك هو انا ناقصة محاضرات وادي السماعات وقفتها خالص عشان تذاكري براحتك انبطي بقى
اومأت سمر بصمت تتناول كتابها ولكن وقبل ان تتنظر جيدا في الصفحة أوقتها ندى سائلة
ابوكي ماسألش عليا يابت ياسمر
رفعت اليها
رأسها تجيب باقتضاب
سأل عليكي
صاحت عليها ندى بحنق
بس كدة سأل وبس ما تتكمي يابت هو انا هاسحب الكلام منك سحب
زفرت سمر متأففة وهي تترك الكتاب من يدها على سطح مكتبها تهتف هي الأخرى
امال عايزاني اقولك ايه يعني ابوكي زعل على زعلك
مثلا ومرديش ياكل هو كمان في ايه ياندى هي اول مرة تحصل
اشاحت ندى بوجهها عنها تصك على أسنانها كي تكتم غيظها من عجرفة شقيقتها في الرد فقالت الأخرى لترحم فضولها
على العموم هو سأل لتكوني تعبانة ولا في حاجة مزعلاكي
التفتت اليها مرة أخرى وقد استرعت انتباهاها تابعت سمر
بس امي قالتلوا بعدين ياابو محمد هاقولك
وماقالتش ليه في وقتها ايه اللي منع يعني
سألت ندى بلهفة فردت سمر بنفاذ صبر
عشان ماكنش ينفع وعمك يونس في القعدة ماانت عارفاه عصبي ودماغه شاطحة
صمتت ندى متفهمة فسألتها سمر
طب وانت يهمك في ايه يعني ان ابويا يسمع ماهو رد على الراجل وخلاص ولا انت عندك أمل انه يجي بتقدم تاني
بس انت ابوكي يوافق بس وانت تلاقي المشكلة اتحلت لوحديها بدال ماهما موقفين الحال كدة من غير سبب
ردت سمر مستنكرة
من غير سبب كيف يعني دول عايزينك تستنى اختك الكبيرة فيها ايه يعني لما تصبري شوية دا حتى لسة صغيرة ياندى وبدري عليكي
ضحكت مستخفة بكلام شقيقتها
بدري من عمرك ياحبيبتي انا اللي في سني بيتجوزا ويخلفوا عيال ولا عايزاني اجيبلك امثلة عن البنات اصحابي اللي اتجوزا بعد تالتة اعداي ودلوقت مع بدل العيل اتنين
زفرت سمر متأففة من الحاحها في امر كهذا فصاحت بحدة كي تنهي الجدال معها
خلاص ياندى فهمت وعرفت ممكن بقى تسيبني اذاكر واركز في دروسي
مصمصت ندى بطرف شفتها
ذاكري ياختي ذاكري اهو دا بس اللي انت فالحة فيه
وعلى سطح المنزل وبعد أن قصت له زوجته عن سبب اختفاء ابنته ندى داخل غرفتها وابتعادها عن الجميع وشجارها معها بعد رفضهم للعريس الذي تقدم لها
ااه يعني المحروسة اتقمصت وزعلت عشان رفضنا الراجل الغربب
بتقول ان احنا مش هاممنا مصلحتها واننا هانوقف حالها عشان اختها الكبيرة مش عايزة تتجوز
قالت نجية وهي تناول زوجها كوب الشاي الزجاجي وتجلس هي بجواره بكوبها على مصطبة طينية بجوار السور رد سالم من تحت اسنانه
فرسة تفرسها بت قليلة الحيا بصحيح خلاص طارت عليها دي حتى لسة مكملتس سنها القانوني مستعجلة على ايه دي
غيرانة ياسيدي من البنتة اصاحبها عايزة تنخطب زيهم وتجيلها هدايا من خطيبها زي اللي بتشوفها معاهم ما انت عارف بتك من الاول ملهاش غاية للتعليم عكس اختها الكببرة ولا التانية سمر الصغيرة
ربنا يكملهم بعقلهم الاتنين ماتعبونيش نص ماتعبتنا هي في المصاريف على الفاضي والمليان سمر ماشاء الله سابقة سنها ويمنى حبيبة ابوها دايما مشرفاني ورافعة راسي في اي مكان تروحوا ربنا ما يحرمني منها ومن عقلها
قالت نجية بامتعاض
ايوة ياسالم لكن الأدب والعقل ده مش هاينفعوها لو عنست وقعدت من غير جواز البت ملهاش غير بيتها في الأول وفي الاخر
وه وايه اللي ها يخليها تعنس يامرة انت لاقدر الله انا بنتي ماشاء الله عليها ادب وجمال وسيرة زينة يعني ماتتعيبش
سأل سالم موجها كلماته بتوبيخ لأمراته التي تشدقت قائلة
وافرض ربنا مكملها كدة زي مابتقول انت بترفض في العرسان ليه دا اللي قدها خلفوا عيل واتنين ولا انت مش عارف البنتة في بلدنا بيتجوزوا على كام سنة
لأ عارف ياختي البنتة بيتجوزا في بلدنا بيتجوزا على كام سنة بس انا بتي لساها صغيرة وفي التعليم وان كانت بترفض فدا حقها تستنى العريس الزين واللي يناسبها لهو انا بنتي هاينة اياك
قال سالم باعتزاز فردت نجية عاوجة طرف شفتها بعدم رضا
اقعد انت كدة انفخ فيها عشان تتجن اكتر ماهي مچنونة يعيبوه ايه سعد ابن اخويا عشان تتجلع عليه وترفض ترجعله ها
يووووه دي برضك هاتقولي
على الزفت واد اخوها دا كمان
غمغم سالم وهو ينفض جلبابه يبتعد عنها لينظر من فوق سطح السور لخارج المنزل تابعت
نجية پغضب
انت برضوا هاتبعد وشك وتسد ودنك عني زي كل مرة كأن واد اخويا المتعلم الزين ده جربة ولا مايصلحش للبرنسيسة بتك
برضوا هاتجيب العيب في البت مش في واد اخوها ولا دمه التقيل حتى عليا انا نفسي دي البت
تمتم سالم بصوت خفيض قبل ان يقطع كلماته ينظر بتركيز نحو رجلين في اخر الشارع يبدوا من ملابسهم المهندمة وأجسادهم الضخمة أنهم أغراب عن قريتهم هيئتهم ونظراتهم الغير المريحة اثارت بقلبه الريبة تذكر سالم قول شقيقه يونس عن وجود رجال اغراب عن في القريبة وافعالهم في البحث عن شئ ما
الفصل ٩
تسمر سالم بمحلة وهو ينظر للأسفل نحو هؤلاء الرجال الاغراب بتفحص وريبة لايدري مالسر وراءاهم عيناهم الزائغة التي تطوف المكان الخالي والمنازل القريبة من الجبل تنبئ بوضوح عن نيتهم في البحث عن شئ ما يخصهم ويمثل لديهم أهمية كبرى
انتفض فجأة عن صوت نسائي حاد دوى من خلفه
خبر
ايه ياراجل انت روحت فين مني
استدار اليها سالم