السبت 23 نوفمبر 2024

رواية المــافيـــا والحب (الفصل الرابع والعشرون) منال سالم

انت في الصفحة 4 من 6 صفحات

موقع أيام نيوز

عن هذه النظرة الفاحصة التي تبدو كما لو كانت تنفذ إلى أعماقي لتسبر أغواري. طرقات متقطعة على الباب منعته من الإلحاح في حصاره لي بالأسئلة أعقب ذلك استئذان أحدهم بتهذيب زائد
هل تسمح لي بالدخول سيدي
اتجهت بناظري نحو الباب فرأيت ذلك الطبيب مارتي الذي أشرف منذ مدة على رعاية والدتي جاء بنفسه اليوم لأجلي وخمنته أنه كذلك من تولى مسألة متابعتي الطبية. أشار له فيجو برأسه ليدخل قائلا
تفضل.
تقدم تجاه الفراش وأسند حقيبته الصغيرة على الطرف ثم رمقني بنظرة شمولية وهو يسألني
كيف حالك سيدتي
أجاب فيجو عني موضحا بيده
أصابها دوار قبل قليل وتشكو من الألم في كتفها.
أخبره مارتي في هدوء
هذا متوقع فالإصابة لم تكن سهلة.
انحنى ناحيتي وراح يدقق في فحصه لموضع الإصابة بتأن شديد ثم أكمل حديثه بصوت رزين لكنه في غاية الجدية
إن انخفضت فقط هذا القدر لربما اخترقت قلبها وفارقت الحياة في التو.
انقبض قلبي خيفة من مجرد تخيل الأمر وتنهدت هاتفة في بسمة زائفة لأخفف من وطأة الأمر واستخف به
ما زال في عمري بقية.
للدهشة الشديدة أتى تعليق فيجو صاډما لي بدرجة لا يمكن تخيلها
هذا لحسن حظي فكيف أحيا بدونها
رفعت بصري ناحيته وتساءلت بفم مفتوح من عظم الاندهاش
ماذا
تعابير وجهه كانت هادئة غير مقروءة من الصعب تفسيرها وهذا ما كان يحيرني فليس من السهل أن تكشف ما يظهر عما يبطن. تنبهت لكلام مارتي وهو يضيف
قد تحتاج فيما بعد لعملية تجميل.
اعترض عليه فيجو بنفس الصوت الهادئ وكامل عينيه مسلطة علي
أريد أن تبقى الندبة كما هي.
زويت ما بين حاجبي في دهشة فقال بشبح ابتسامة تشكلت على زاوية فمه
لتذكرني بتضحيتها العظيمة من أجلي.
لم أعرف إن كان يتحدث بجدية أم يسخر مني ولو أني اعتقد في الأمر الأخير لكوننا نعلم جيدا طبيعة ما دار انتظرت بفارغ الصبر انصراف الطبيب لأسأله
أتصدق هذا الهراء
من جديد أرخى ساعديه ووضع كفيه في جيبي بنطاله فتابعت موضحة بنفس النبرة المتسائلة
أني ضحيت لأجلك
ظل يتطلع إلي في هدوء فأوضحت
لقد كنت أفرغ ڠضبي العارم فيك أم أنك نسيت
خاطبني بغموض غير كاف
سنجعل الجميع يعتقدون في تضحيتك.
ضاقت عيناي بمزيد من الحيرة فاستطرد مضيفا
خاصة السيدات القادمات لرؤيتك.
سألته في تحير
من هؤلاء
وقبل أن يجاوبني أبديت رفضي للفكرة برمتها
لا أريد مقابلة أحد.
حينئذ تبدلت تعابيره للتجهم وقال في تشدد دون أن يحرر كفيه من جيبي بنطاله
اسمعيني جيدا أنت زوجتي وعليك الكثير من المهام الضرورية منها لقاء زوجات رجالنا المخلصين وسماع ما يدور بينهن من أحاديث جانبية ونقلها إلي.
رددت بصراحة ما فهمته من سياق الكلام
إذا قل أنك تريدني أن أصبح جاسوستك.
لم يبد مباليا بتهكمي المعارض له وقال
لا تفرق معي التسمية المهم النتيجة في الأخير.
حدت بنظراتي متجنبة التحديق فيه وشردت لحظيا لكن في داخلي دمدمت بإحباط غريب
وأنا ظننتك تهتم بي.
رفعت رأسي ناحيته عندما تكلم من جديد
سأذهب الآن وستأتي إحدى الخادمات لمتابعتك.
علقت في مرارة
لا أريد يكفي قتل واحدة اليوم.
وقف بجوار الباب معلقا بسخرية
إن ماټت سأحضر لك غيرها.
ثم غمز لي بطرف عينه هل من المفترض أن ابتسم على ما بدا له أنها طرفة عبست أكثر بتعابيري وتابعت ذهابه لاستلقي بعدها بظهري على الوسادة المريحة وأنا أخبر نفسي
لا تبدو الأمور مبشرة أبدا!
...................................................................
في الليالي التالية احتجت للمهدئات لأتغلب على الكوابيس المخيفة التي انتابتني كلما غفوت أو رحت في سبات عميق كلها كانت تحوي جرائم قتل بشعة إما أن اتخذ موضع المتفرج فيها خاصة أني اندفع مرة واحدة خلال نهوضي
وصوت صړاخي يعلو أحيانا
أجد فيجو يهزني برفق لأستفيق حينئذ أنظر إليه

انت في الصفحة 4 من 6 صفحات