رواية هواها محرم (كاملة جميع الفصول) بقلم اية العربي
حينما نعود ستنفذين تهديدك يا شهية .
زفر براحة حينما نجح مجددا في سلب نظرة الحزن من عينيها وتشتيت أفكارها فهو لم ينس حديثها فجرا بل لم يستطع النوم وهو يردد على عقله جملتها هتدور عليا في حياتك كلها ومش هتلاقيني ولا هتعرف ترجعني .
لا لن يسمح لها أبدا .
بعد مرور أسبوع
خابت كل طرقها في جمع المبلغ الذي طلبه لقد حاولت سړقة أي مبلغ من خزنة والدها ولكن لم يفلح الأمر معها حتى ما طلبه منها بخصوص عمر لم تستطع فعله فكيف تخذل الشخص الذي أنقذها ! .
كانت تجلس على السفرة تتناول طعام الغداء بعبوس وحزن لم يفارقانها هذا الأسبوع حينما رن هاتفها فالتقطته لتجده ذلك الأيمن فتوترت ونظرت لوالدها
مين
تحمحمت تجيبه وهي تنهض لتبتعد
روان صاحبتي بترن عليا علشان هتجبلي المحاضرات اللي فاتتني .
تحركت تغادر الغرفة وتصعد الدرج سريعا لتدلف غرفتها وتجيبه وهي تغلق الباب خلفها
عايز إيه
عايز إيه إنت وقعتي على دماغك ولا إيه فات أسبوع يا حلوة عملتي إيه
يا خسارة الحب اللي حبيتهولك .
حب إيه يابت انت صدقتي نفسك ولا إيه لا أنا ولا إنت بتوع حب إحنا بتوع مصالح وإنت زيي بالضبط اخلصي جهزتي الفلوس وعملتي اللي قولتلك عليه
ابتلعت لعابها وأجابته پخوف وتوتر
ماعرفتش أجمع حاجة طبعا إنت مچنون هجيب منين مبلغ زي ده
زفر بملل وتهكم ثم تحدث بتجهم مستفسرا
توترت كليا وتحدثت بمماطلة علها تجد حلا
طيب اديني وقت وأنا هحاول أتصرفلك في أي مبلغ .
ربع مليون ماينقصوش مليم وتبعتي الصور للحلوة مايا أنا ممكن ابعتها بس منك أحلى معاكي أسبوع كمان يا حلوة .
عنفته قبل أن يغلق
مش هعرف أجيب ربع مليون زفت على دماغك وإلا بقى ابعت واعمل اللي إنت عايزه هحاول اتصرفلك في أي مبلغ وتغور من سكتي .
احمدي ربنا إني طلبت فلوس بس وكمان بديكي مهلة كبيرة أهو علشان تعرفي إنك مميزة عندي .
بصقت بصوت مسموع فأجابها بضحكة واستفزاز
وأه نسيت اقولك إني معايا زراير البلوزة بتاعتك يالا سلام .
أغلق بعدها وتركها ترتد على المقعد ولا تعلم ماذا تفعل ولمن تلجأ في هذا الأمر الذي وضعت نفسها فيه .
كانت خديجة تشعر بالضيق في هذا المنزل وحتى أن الأرق أصابها فهي تتبعت الحلال في حياتها كاملة فلم تشعر بالراحة فيه أبدا .
ولكنها طوال هذه المدة قضت أغلب الوقت في الصلاة والعبادة علها تخفف من وطأة التأنيب التي تراودها .
وإحقافا للحق فهو لم يعترض أو يتذمر بل أثارت صلاتها تساؤلات كثيرة داخله .
ربما لم تعطه محاضرات كلامية كثيرة عن دينها ولكن أفعالها كانت أكثر تأثيرا عليه ومع ذلك لم يتوقف لحظة عن عبثه وجنونه وشغفه بها الذي لم يقل بل يزيد فكلما استكشف بها خصلة زادته تعلقا بها خاصة وأن خصالها جميعها تندرج تحت بنود الحياء والأخلاق والتعقل وهذه الأمور هو يفتقدها تماما .
على عكسه هو وعلى عكس ما يشعر به فبعض خصاله تجهدها تصل إلى حالة
تشتت وعجز خاصة أمام سطوته عليها فلم يسمح لها بالضيق أو الخصام فباتت تجاهد معه جهادا نفسيا يشعرها بالضيق ومع ذلك لا تملك أخذ قرار صارم أمام حبه المشاغب .
ها هما في طريق عودتهما إلى منزلهما يقود وتجاوره منشغلة بالطريق تفكر ماذا بعد
كان سعيدا سعيدا بحق لدرجة أنه يدندن إحدى الأغاني الإيطالية الشهيرة ويقود بعبث كأن الطريق ملكه .
يميل عليها ويغمزها لتندمج معه ولكنها تزفر وتتنهد بضيق من صوت الموسيقى الصاخب وتقابل محاولاته بالرفض برغم سعادتها بالعودة .
لم يتأفأف أو يمل من رفضها بل كان تصميمه هو الغالب حيث في نهاية الأمر التفتت تطالعه بعيون متعجبة وقالت بتهكم
خلاص بقى يا خالد اهدى مش كدة .
وضع كفه على قلبه يمثل كلمات الأغنية وهو يطالعها قائلا بملامح متأثرة
إذا كنت تريدني أنا هنااااا لا أحد يسمعك لكن أنا نعم عندما أنت لا تعلم أين تذهب أنا هنااا أنا هنااااا .
ربما لا تميز كلمات الأغنية الإيطالية ولكن كلمة أنا هنا مع حركة يده جعلتها تبتسم وتهز رأسها بقلة حيلة ثم استغفرت قائلة بهدوء ينافي شغبه
تمام خلصت
ابتسم وصمت أخيرا ثم تناول كفها يلثمه ويقول
بهبك يا خديجة بهبك جدا .
ابتسمت تلف وجهها للجهة المقابلة باستسلام بائس ثم عادت إليه تطالعه بعيون لامعة وتحدثت بصدق
وأنا كمان بحبك جدا.
تبعت جملتها بحركة يدها التي اتجهت تغلق الأغنية ثم اعتدلت تطالعه برجاء وتابعت
بس ركز بقى في الطريق علشان خاطري .
أومأ بطاعة خاصة بعد كلمة بحبك التي قالتها والتي انعشت روحه وتحمحم يردف بنبرة مرحة متعثرة
مټخافيش هنوصل بخير .
أومأت له وأكمل هو قيادته وهو يتحدث عن عدة أمور معظمها عابث وجريء كشخصيته .
تقف تعد الفطور بشرود وتنتظره إلى أن ينزل لترى ماذا ستفعل فكلما مر الوقت تملك منها اليأس ولكن ما يطمئنها قليلا هو وعد صقر لها .
نزل بعد دقائق يرتدي ملابس عمله فسمعت خطواته لذا تحركت خارج المطبخ تطالعه بنظرات متوترة وتفرك أصابعها قائلة
إنت هتخرج دلوقتي أنا بجهز فطار نفطر سوا .
حدق بها متعجبا من طريقتها التي تتبعها مؤخرا معه وبرغم إثارة شكوكه إلا أنه بدأ يصدقها ويصدق
محاولاتها في الاستسلام لذا تحدث بتعال وهو يشملها بنظرة متسلطة
اتعودت مافطرش .
تنهدت تخفض نظرها عنه ثم أومأت وعادت تطالعه وتردف بترقب
طيب قبل ما نسافر أنا محتاجة أخرج .
تحولت نظرته من التعالي إلى الشك والڠضب لتسرع قائلة پخوف توغلها
أنا عندي ڼزيف ومش عارفة سببه إيه وعايزة أروح للدكتور وكمان محتاجة حاجات كتير قبل ما أسافر أنا مش عايزة أخرج لوحدي خلينا نخرج سوا .
تنهدت بقوة تستجمع كامل طاقتها لتردف جملتها التالية وهي تدقق النظر في عينيه وتتابع بنبرة هادئة
لازم تيجي معايا عند الدكتور علشان نعرف ممكن يحصل حمل تاني امتى .
ضيق عيناه متعجبا فأخفضت بصرها للحظات ثم عادت تطالعه وتردف بمكر مغلف بالضعف جاهدت لإتقانه
أنا محتاجة بيبي يكون معايا في حياتي الجاية بم إني هعيش معظم الوقت هناك لوحدي .
مرت على عقله غيمة شك وتبعتها غيمة خيال لما قالته ولكن تبخرت غيمة الخيال وغطت سماء عقله غيمة الشك وهو يقول بجمود قبل أن يغادر
كل حاجة هتحتاجيها متوفرة هناك إحنا مش رايحين غابة وحتى الدكتور لما نسافر هعرضك هناك على حد مختص .
تحرك فسمعها تقول بهدوء برغم اليأس الذي ھجم عليها
تمام .
طاعتها هذه أسقطت أمطار شكه من فوق عقله وبرغم ذلك غادر كأنه لم يسمعها وتركها تقف تحاول منع دموعها ولكن هيهات ألا تسقط بل أسرعت تجهش في بكاء وخوف من تنفيذ مخططه واحتمالية إعدامها حية .
وصلا إلى فيلتهما وصف خالد السيارة جانبا وترجلا سويا يتجهان نحو الداخل وإيديهما مكبلتان ببعضهما .
ما إن دلفا وأغلق خالد الباب حتى عاد يحتجزها في نفس المكان الذي احتجزها فيه ليلة زفافهما .
لتشهق متفاجئة وهو يقيدها بذراعيه ويطالعها بخبث جلي قائلا بعيون ماكرة
ما رأيك أن نعيد ذكرى تلك الليلة
حاولت منعه قائلة بتريث وعيناها المرهقة تطالعه
خالد اهدأ وصلنا لتونا من سفر طويل أولم تشعر بالتعب أبدا
لم أشعر بأي تعب .
أنهى جملته ولم يعطها فرصة بل متمهلة كأنه حرم منها دهرا لتبادله بهدوء فقد بدأت تعتاد على هجومه اللذيذ وليعيدا ذكرى ليلة زفافهما بكل تفاصيلها .
بعد وقت يتمدد على السرير بملامح مستمتعة ومشاعر تجعل ابتسامته تعلو ثغره دوما .
زفرت وتحدثت كي تلهي عقلها عن التفكير في تلك الوشوم التي لا تحبها قائلة
خالد ممكن أطلب منك طلب
تمتم لها وبدأ يغفو فتابعت بترقب
بابا وماما ومازن وحشوني جدا لو نروحلهم النهاردة بليل
انتابه الضيق والتملك الذي أخفى تبسمه ليحل البرود على وجهه وقد توغلت الغيرة إليه تنهش قلبه من مجرد كلمة اشتياق لأهلها لذا قال متحججا وهو يسحب جسده للأسفل قليلا حتى يتسنى له النوم
لنتركها غدا خديجة نحن جئنا من سفر طويل ومن المؤكد نحن متعبان .
ارتفعت برأسها تطالعه باستنكار قائلة
لا بجد دلوقتي جينا
من سفر طويل وبقينا تعبانين .
أغمض عينيه متهربا وهو يلتفت إليها ويعانقها بقوة ليقضي على حديثها قائلا بنعاس
نعم هذه الحقيقة هيا يا شهية دعينا ننام ونستريح قليلا .
فوق شفتيها وأسرع يختبئ في نومه من عينيها التي تطالعه بشك .
أما هي فزفرت وقررت النوم قليلا فهي أيضا تشعر بالنعاس .
كان في طريقه عائدا بها من الجامعة تثرثر دون توقف كعادتها وتقص له ما حدث معها وهو يستمع لها بحب .
رن هاتفه وهو ينعطف حيث كان يرتكز في محفظته فنظرت مايا للمتصل تقول
ده رقم غريب يا عمر
طب افتحي .
هكذا أجابها فامتدت يدها تفتح الخط ليتحدث هو بترقب
أيوة مين
أيوة يا عمر أنا إيمان .
ثوان فقط قبل أن ينتشل الهاتف من مكانه ويغلق مكبر الصوت تحت أنظار مايا الذاهلة ويتحدث بتوتر
إيمان مين
تحدثت إيمان بحزن بعدما ضاقت سبلها وقررت اللجوء إليه قائلة
إيمان يا عمر إيمان العدلي .
النمرة غلط .
قالها وأغلق الخط مسرعا وشعر بوغزة في صدره وللحظة فقد جرأته في مواجهتها حينما تذكر ما حدث لم تهاتفه تلك الفتاة وماذا تريد منه وكيف سيواجه تلك التي سلطت عيناها عليه وتنتظر تفسيره .
زفر ولف يطالعها ليجدها تطالعه بترقب فعاد ينظر أمامه ويقود ولا يعلم بماذا يجيب ولم ترحم صمته الموحش بل أكملت عليه بسؤالها ونبرتها الواهمة حينما قالت
مين دي يا عمر
أغمض عينيه للحظات ثم عاد يبصر للطريق وتحدث بمراوغة
واحدة طلبت نمرة غلط .
بالطبع لم تصدق ما قاله لذا نطقتها صريحة
نمرة غلط وبتقولك يا عمر للدرجادي شايفني غبية
الټفت يطالعها لثوان ثم توقف جانبا والټفت لها يتمعن في ملامحها
التي غلفها الحزن فورا ولكنه لم يستطع إخبارها بالحقيقة لذا تنهد وقال بكذب لم يفلح به
دي بنت كانت بتيجي الجيم اللي كنت بشتغل فيه بتحاول تتواصل معايا بس أنا قلتلها إن الرقم غلط علشان ماتتصلش تاني .
حدقت به بتعجب ولم تقتنع بحديثه لذا قالت بنبرة حانقة وعلامات التعجب والشك تغزل خيوطا فوق وجهها
يعني إيه الكلام ده إنت مخبي عني إيه يا عمر
احتدت نبرته وقال بعيون محذرة
مايا ماتعمليش مشكلة من حاجة ماتستاهلش هخبي عنك إيه أنا قلتلك دي بنت بتحاول تتواصل معايا وأنا صدتها