رواية هو فــارسي بقلم مجهول كامله
يشعر بأجهاد شديد وكأنه لم ينم إلا منذ لحظات قليلة ولكنه جاهد نفسه وهب واقفا حتى لا يفكر
فى العودة إلى النوم مرة أخرى ويغلبه كسله وأجهاده توضأ وعاد إلى غرفته وجلس وهو ممسكأ بالمصحف يقرأ ورده الليلى شرد بعقله قليلا وهو يفكر كيف لم يفكر فى أن يطلب من الدكتور حمدى بأن يفصل بين النساء والرجال فى مكتبه خشية الاعتياد والألفة التى تضفى صفات خيالية محببة بين الزملاء والزميلات والتى قد تطور إلى مفهوم آخر.
يشعر بحلاوته التى يتذوقها بقلبه وجوارحه أغمض عينيه وهو يدعو لا يريد أن يفارق تلك السجدة التى وجد حلاوتها ووجد نفسه يدعو اللهم أكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك
قومى يا دنيا.. أيه اللى جاب التليفون ده معاكى
نهضت دنيا متكاسلة وهى تتثائب فتحت عيونها فوجدت والدتها تمسك هاتفها النقال بين يديها وتقلبه متسائلة
بتاع مين ده يا دنيا
أنتزعته من يد والدتها وهى تقول برجاء
نظرت لها والدتها بشك وقالت
وانا يعنى مش هسألك
ا دنيا على وجنتها وقالت
أنت مامتى حبيبتى مش هتعقديلى الدنيا زى بابا
أبعدتها والدتها عنها قليلا وبرفق قالت
طب جاوبينى مين اللى أدهولك
أستاذ باسم مدير المكتب
اللى حكتلك عنه قبل كده أنه عاوز ياخدنى معاه مكتبه
بمناسبة عيد ميلادى يا حبيبتى
صمتت والدتها قليلا ثم قالت بتوجس
مش عارفة.. مش مرتاحة
قائلة بثقة
متقلقيش يا حبيبتى .. أنا عارفة بتعامل مع الناس ازاى
نظرت والدتها إليها وقد خرجت من الغرفة ثم التفتت إلى الهاتف الملقى على الفراش وشردت تماما ولأول مرة تشعر بالقلق حيال تصرفات ابنتها.
ويوم الخميس وفى المساء كان منزل عزة مهيأ
لم يكن هناك شخص أسعد منه فى تلك اللحظة التى طوق خاتم خطبته أصبعها وأخيرا أصبحت له لم يكن بحاجة إلى التعبير عن سعادته فلقد تكفلت عيناه بهذا الأمر مما جعل عزة تشعر بتأنيب الضمير
كان فارس يجلس مع الرجال فى الخارج وفجأة شعر بمن يهزه من الخلف نظر خلفه فوجد مهرة أبتسم كعادته كلما رآها واستدار إليها فى جلسته ودون أن يقف أقتربت من أذنه وهى تشير إلى محمود أخو عمرو الأصغر والذى لم يتجاوز الثانوية بعد وهى تقول
ألحق يا فارس.. الواد الرخم ده بيضايقنى
نظر فارس إلى حيث تشير ثم نظر إليها مرة أخرى متعجبا وقال
بس هو شافك أزاى أصلا علشان يضايقك
نظرت له پغضب ومطت شفتاها وقالت
أنت كمان بتتريق عليا
قال مداعبا
طب متزعليش بقى خلاص انا هقوم أكسرلك ع
ثم حك ذقنه وهو يقول
هو ضايقك ازاى يعنى.. خد منك حاجة
حركت رأسها نفيا وقالت
لاء بيقولى شعرك حلو أوى
نظر لها بدهشة ثم تصنع الجدية والڠضب وهب واقفا وهو يقول
طب استنى هنا انا هروح أكسرهولك
تقدم فارس من محمود أخو عمرو وهى تتبعه كظله وقال مداعبا له
أنت يا أخ انت بتعاكس خطيبتى ليه
ضحك محمود وهو يقول
خطيبتك أيه يا أبيه فارس .. بقى
الأوزعة دى خطيبتك
صاحت مهرة من جواره پغضب
أنا مش أوزعة
أمسكه فارس من شعره كما يفعل به دائما كلما رآه وقال له
عارف لو شفتك بضايقها تانى هعمل فيك أيه ..هحلقلك شعرك اللى فرحان بيه ده زلبطة
ثم الټفت إلى مهرة وأشار لها آمرا وقال بجدية مصطنعة
اتفضلى يا هانم اقعدى جوه مع الستات .. أيه اللى مطلعك وسط الرجالة
أستدارت مهرة وهى تنظر إلى محمود بانتصار وشماتة ودخلت عند النساء كما أمرها فارس
بينما قال فارس لمحمود بجدية
أنت من صغرك كده هتقعد تعاكس البنات.. أومال لما تكبر شوية هتعمل ايه ..وبعدين ملقتش إلا مهرة
يعنى
قال محمود بخجل
بصراحة يا أبيه فارس أنا ناوى اخطبها لما تكبر.. أنا رايح تالتة ثانوى وهى رايحة تالتة أعدادى.. يعنى قريبين من بعض
أمسكه فارس من كتفه وقال بجدية
بقولك ايه يا محمود .. أنت فى مرحلة حرجة دلوقتى .. يعنى تركز فى مذاكرتك أحسن يابنى علشان تعرف تدخل كلية محترمة وبعدين يعنى اشمعنى مهرة .. دى شعرها أطول منها
ماهو ده اللى عاجبنى فيها يا أبيه
كتم فارس غيظه وهو ينظر إليه شاعرا بتفاهته وقال
هو انا واقف معاك ليه أصلا .. أمشي يالا من هنا
وقفت امرأة بجوار عبير عن قصد وقالت بتشفى
عقبالك يا حبيبتى
نظرت لها عبير بود وقالت
جزاك الله خيرا يا طنط عقبال بناتك يارب كده لما تفرحى بيهم
ضحكت المرأة وهى تنوى أغاظتها وقالت
بناتى ! ..أنا بناتى اتجوزوا من زمان يا حبيبتى .. مفيش واحدة فيهم قعدت لبعد العشرين ..عقبالك انت بقى
صمتت عبير ولم ترد فقد شعرت فى نبرة المرأة شىء غير مريح فآثرت الصمت حتى لا تحدث مشكلة تعكر صفو خطبة أختها ولكن المرأة لم تصمت ولم تتوقف وقالت
هو انت عديتى التلاتين ولا لسه يا عبير
بدون شعور منها وجدت العبرات طريقها إلى عينيها حاولت منعها حتى لا تشمت بها تلك المرأة أكثر فرفعت يدها وأنزلت البيشة على عينيها فوق النقاب وهى تقول
لا لسه يا طنط ..عن أذنك
مرت بهدوء لتخرج من غرفة
الصالون ولكن والدتها نادت عليها قائلة
اطلعى يا عبير هاتى صندوق حاجة ساقعة من بره على السلم
خرجت مسرعة فى طريقها للباب الخارجى
للشقة وهى تحاول دفع دموعها للتراجع ولكن بلا جدوى حتى انعدمت الرؤيا تماما لديها واختل توازنها وهى تحاول حمل الصندوق ولم تشعر إلا وهى تسقط من أعلى درجات السلم وفقدت الوعى.
الفصل الحادي عشر
وقفت عزة فى حضڼ والدتها تبكى بمرارة ولم تكن أمها بها من القوة ما يجعلها تخفف عنها كل ما استطاعت أن تفعله هو أن تدعو الله بقلبها ألا تكون عبير قد أصيبت بسوء أقترب عمرو منهما وقال لعزة بعتاب
مش كده يا عزة المفروض انت اللى تقوى مامتك وتخففى عنها
بكت عزة بقوة أكبر وهى تقول
مش قادره أمسك نفسى يا عمرو خاېفة على عبير أوى
أنتظر الجميع فى الخارج حتى خرج إليهم الطبيب وهو يحمل صور الأشعة وقد ظهرت على وجهه علامات البشرى وقال محاولا التخفيف من وقع كلماته
بصوا يا جماعة.. وقعة زى دى كانت ممكن ټأذى العمود الفقرى لكن الحمد لله العمود الفقرى كويس.. محصلش غير كسر بسيط فى الرجل اليمين
ت أمها على ها وشهقت وهى تقول
بنتى رجلها اتكسرت
ربتت عزة على كتفها وهى تكفكف دموعها قائلة
الحمد لله يا ماما انها جات على قد كده.. بيقولك العمود الفقرى كان ممكن يتأذى
تابع الطبيب قائلا
أحنا دلوقتى هنحط الجبس ومش أقل من شهر علشان نشيله وبعديه لازم تبدأوا فى العلاج الطبيعى.. برضة مش اقل من شهر أو اتنين
شعر والد عبير بوهن شديد ووخذة فى ه ولكنه تماسك وقال بضعف
يعنى دلوقتى هى هتتجبس ونروح على البيت ولا أيه
الطبيب
هتفضل هنا يومين وبعدين تاخدوها وتروحوا بالسلامة
طرق عمرو باب مكتب إلهام ودخل وأغلق الباب وكالعادة رأى ابتسامتها الواسعة المرحبة
به بشكل دائم وفى كل الأوقات وقفت أمامها وهو يتسائل
خير يا فندم حضرتك بعتيلى
أشارت إليه بالجلوس وهى تقول
تشرب أيه الأول
نظر إلى ساعته وهو يقول بحرج
أنا آسف مش هينفع أصل عندى شغل هخلصه وهمشى على طول.. عندى ارتباطات مهمة
نظرت إليه متفحصة بجرأة وقالت بهدوء
أيه عندك معاد غرامى ولا أيه
رفع نظره إليها بدهشة من جرأتها وتدخلها فى شئونه الخاصة بها الشكل السافر وقال على الفور
لا معاد غرامى أيه أنا مش بتاع الكلام ده
ثم اردف سريعا
خير يا بشمهندسة فى حاجة فى الشغل
تابعت وكأنها لم تسمعه وقالت
أومال رايح فين
زادت دهشته من اهتمامها الزائد به وقال
رايح أجيب أخت خطيبتى من المستشفى مع والدها
أتسعت عيناها ونظرت ليده فلم تلحظ الدبلة الفضية فى يده قبل ذلك وقالت متوترة
أيه ده هو انت خاطب من أمتى .. أنا مشوفتش دبلة فى أيدك قبل كده
زفر بطريقة لم تلحظها وقال بضيق
أنا لسه خاطب من يومين بس
هزت رأسها بحنق وهى تنقر على سطح مكتبها وتقول
قصة حب ولا أيه
تحرك من مقعده
قليلا وهو ينظر لساعة يده ويقول
حاجة زى كده .. طيب انا مضطر استأذن
دلوقتى
نظرت إليه بحدة وهى تقول بجدية
ساعات العمل الرسمية لسه مخلصتش يا بشمهندس
ثم ابتسمت
ابتسامة صفراء وهى تقول
لسه نص ساعة
أستند إلى ظهر مقعده وظل صامتا فقالت بحنق
هو انت متعود تمشى قبل المواعيد ولا أيه
حاول أن يغلب الڠضب بداخله وقال دون أن ينظر إليها
أنا مكنتش همشى قبل مواعيدى .. أنا قلت لحضرتك فى الأول انى ورايا شغل عاوز أخلصه قبل ما امشى
هبت واقفة وقالت بتعالى
طب اتفضل خلص شغلك يا بشمهندس.. أنا عندى اجتماع
نظر إليها متعجبا من تصرفاتها المتناقضة فهو لم يطلب الدخول إليها أو الجلوس معها من الأساس فلماذا تفعل ذلك ولكن على كل حال تنهد فى ارتياح وهو يغادر إلى مكتبه كسرت القلم بين يديها فى ڠضب وهى تنظر للفراغ الذى كان يحتله منذ دقائق.
دخل عمرو مكتبه وتوجه على مكتبه الهندسى الخاص به تحت نظر زميله نادر الذى كان يرمقه متبرما لاستدعائها المتكرر له فى مكتبها الخاص ووجد نفسه يقول بسخرية
أتأخرت ليه يا روميو
نظر له كل من عمرو وزميلهم الثالث أحمد وقال عمرو فى انفعال
بتكلمنى انا
قال نادر متهكما
هو فى روميو تانى هنا
ترك عمرو ما فى يده وقال له محذرا فى ڠضب شديد
أنا بحذرك تكلم معايا بالطريقة دى تانى .. أنت فاهم ولا لاء
كان يتوقع أن يهاجمه نادر ولكنه وجده يقول بسخرية وهو ينظر ل أحمد
شفت يا عم احمد .. طبعا ما هو مسنود من فوق بقى
صاح عمرو پغضب مرة أخرى قائلا
بقولك اتكلم
معايا كويس أحسن لك
حاول أحمد تهدئة الوضع بينهما ووقف يهتف بهما
ميصحش كده يا جماعة
ثم نظر لنادر معاتبا وقال بضيق
وبعدين معاك يا نادر ده احنا زمايل وفى مكتب واحد يا أخى مش كده
نظر لهما نادر بسخرية وأعاد نظره إلى عمله مرة أخرى دون أن يتفوه بكلمة أخرى وكأنه كان يختبر أعصاب عمرو هل هو سريع الڠضب أم لا ربت أحمد على كتف عمرو قائلا بهدوء
معلش يا بشمهندس خاليها عليك المرة دى
قال عمرو وهو يرمق نادر بعينيه
ياريت الناس كلها فى أخلاقك يا أحمد
دقائق من