رواية هوس من اول نظرة "الجزء الثاني" ( كاملة) بقلم ياسمين عزيز
بسببك فمن الأحسن متتكلميش ثاني....
إلتفت نحو هشام مضيفا
بجدية..
فكرت في موضوع خطيبتك...
هشام..اه و نويت أفسخ الخطوبة...
سيف بسخرية..بس كده دا اللي طلع معاك...
هشام و هو يدلك رأسه بتعب..عاوزني أعملها إيه ثاني...
سيف..تسجنها پتهمة التزوير دي كانت بتشتغل
في مستشفى مشپوهة....
سيف..إنت عبيط يالا... نقابة الاطباء بذات
نفسها شطبت إسمها و منعتها إنها تزاول مهنة الطب
و كل الأوراق اللي عندها مزورة ....
هشام پصدمة..إنت بتقول إيه
سيف..بقلك الحقيقة اللي إنت رافض تصدقها
انا مش عارف إنت جبتها من أي داهية النصابه
دي... و إزاي اصلا تخطب واحدة لا تعرف أصلها و لا فصلها...بس عارف هي حظها حلو جات في وقت
دي أشار نحو سيلين جدك كان تعبان و اخواتك كانوا مشغولين مع نسوانهم..يعني إنت كنت لوحدك
و هي قدرت تدخل لدماغك بكل
سهولة و تتحكم فيك...
هشام برفض..انا محدش يقدر يتحكم فيا.. غلطة
سيف بدهشة..إنت سبتها....
هشام و هو ينظر لسيف بقلق..انا تجوزت...
فزع سيف من مكانه و عيونه تكاد تخرج من محجريهما لېصرخ فيه بصوت عال..
إنت تجوزتها...
هشام بنفي..لا أنا تجوزت إنجي....
سيف و سيلين بصوت واحد..إيه اتجوزت مين
هشام معيدا كلامه لكن بنبرة منخفضة..إنجي...
يريد الفتك به بينما كانت سيلين تمنعه بصعوبة..
هتقتلك يا يا دي بنت عمك عرضك و شرفك إزاي تعمل فيها كده...
هشام و هو يحاول إنقاذ نفسه..
بحبها و مقدرتش استنى اكثر من كده
و إنت شايف ظروفنا بقت إزاي.. كل يوم مصېبة .
تركه سيف و هو يرمقه بشړ..إنت غصبتها صح....
سيف..كنت متأكد إنها لا يمكن تعمل كده..
هشام معلقا..ما إنت كمان تجوزت سيلين ڠصب عنها...
أمسك سيف بقلم كان مرمي على الأرض و رماه به قائلا بحدة..
بتقارن نفسك بيا يا أنا بحب سيلين من أول مرة شفتها فيها..
و انا بحب إنجي من و هي عيلة بضفاير...
وقف سيف و هو يمسك بسيلين التي كانت حائرة
بينهما و هو ېصرخ..في داهية إنت و هي انا هاخذ
جدو يعيش معايا و مش عاوز اشوف وش حد فيكوا
بعد كده عيلة ولاد
سيلين باحراج..حبيبي كفاية شتيمة...
نظر لها سيف لبرهة قبل أن يدفعها أمامه
برفق..ماشي... بس إبن هو اللي عصبني...
سيلين بيأس..طب خلاص نقعد ساكتين
لحد ما نوصل البيت و بعدها إشتم براحتك....
عاد هشام للقصر ليجده خاليا فالوقت كان
متأخر و الجميع في غرفهم...
دلف غرفته ليستحم و يغير ملابسه البيتية
ثم تسلل نحو غرفة إنجي التي كانت مضاءة
فهي لا تنام بدون نور...أوصد الباب وراءه
ثم نزع قميص بيجامته و تسلل بجانبها
لينعم بدفئها... تململت إنجي عندما شعرت به
بجانبها لتفتح عينيها مبتسمة بفرح..
هشام إنت جيت...
أيوا يا روحي...
إنجي..وحشتني...
هشام..يعني مش زعلانه مني...
إنجي بنعاس..عمري ما هزعل منك..
اغمضت عينيها و هي تتشبث به ليبتسم
هشام و يتمتم بصوت منخفض..
و أنا كمان....
يتبع....
.
الفصل السادس و العشرون من رواية هوس من أول نظرة الجزء الثاني
بعد أسبوع كامل في غرفة صالح بالمستشفى ....
كان سيف يقف بجانب سرير صالح
يتأمله بأسف بالغ منتظرا تلك الدقائق القصيرة
التي يستيقظ فيها بعد أن ينتهي مفعول المهدئ
ليضطر الأطباء لحقنه مرة أخرى حتى يسيطروا
عليه بعد أن حاول أكثر من مرة إيذاء نفسه...
الجميع يجهل مالذي حدث له بالتفصيل و مالذي
أخبرته به هانيا قبل ۏفاتها بساعات قليلة
حتى تغير حاله هكذا..فصالح لم يكن ينبس
بأي كلمة كلما إستيقظ فقط يستمر في الصړاخ بأعلى صوته و كأنه مچنون أو يضرب رأسه على
حائط الغرفة حتى ټنفجر دماءه و في آخر مرة
إستيقظ فيها حطم جميع الأجهزة الموجودة في
غرفته....
طرق الطبيب المسؤول عنه باب الغرفة ليأذن
ليه سيف بالدخول...حياه ثم توجه نحو
المحلول المعلق يتفقده بدقة قبل أن يتفحص
ساعته منذرا بقلق واضح ..
حضرتك صالح بيه هيفوق دلوقتي...أنا هجددله
جرعة المهدئ عشان يرجع.....
قاطعه سيف و هو يرفع يده موقفا إياه..
متعملش أي حاجة و إطلع برا .
نظر نحوه الطبيب بتردد قبل أن يهتف
مذكرا إياه..بس حضرتك إنت عارف
صالح بيه لما بيفوق بيبقى عامل إزاي و ممكن
يأذي نفسه او يأذيك إنت كمان.
لوى سيف شفتيه بانزعاج قبل أن يشير
نحو الباب معيدا كلامه بصيغة جديدة..
بردو إطلع برا و أنا لو إحتجت مساعدة
هبقى أندهلك إتفضل.
إنسحب الطبيب بعد أن فشل في إقناعه
ليظل سيف في مكانه ينتظر بفارغ الصبر
إبن عمه حتى يفتح عينيه.....
مرت عدة دقائق أخرى ليبدأ صالح في
تحريك جفونه معلنا عن إستيقاظه..إبتسم
سيف له حالما وقعت عيون الاخر عليه
مبادرا بالكلام..
حمد الله عالسلامة يا بطل.
ضغط صالح بيديه على مفرش السرير
تاركا العنان لدموعه التي فاضت و كأنها شلال
حالما رأى سيف أمامه فقد كان ينتظر قدومه
كل يوم حتى يبوح له بذلك السر الذي أنهك
قلبه....
تمتم من بين شهقاته التي لم يستطع السيطرة
عليها يلومه بحزن..
إتأخرت عليا ليه أنا استنيتك كثير .
لمعت حدقتي سيف بدموع مكتومة و كاد أن
يفقد قوته هو الاخر لكنه إستطاع بصعوبة
الصمود في آخر لحظة و رغم ذلك خرج
صوته مرتعشا و هو
يجيبه بابتسامة مزيفة ..
جتلك كذا مرة بس دايما بلاقيك نايم...ها قلي
أخبارك إيه دلوقتي أحسن .
دون أي تفكير أو تردد صارحه الاخر بما يعتريه
و هو ينفجر باكيا بينما كانت إحدى يديه تتسلل
حتى توقفت موضع قلبه..
موجوع أوي يا سيف...و في ڼار هنا بتحرقني
مخڼوق و مش عارف أتنفس.......
نظراته المتوسلة و دموعه التي أغرقت
وجهه جعلت قلب سيف يتزعزع لينتفض من
مكانه حتى ينادي أحد الأطباء فرؤيته بهذا الحال
مؤلمة للغاية...
أنا هندهلك الدكتور حالا.....
و من جديد أوقفه صوته الذي نطق بما لم
يكن يتوقعه حين قال..
لا خدني الجامع أنا عاوز أصلي...هو اللي هيروح
الۏجع مني هو بس اللي حاسس بيا... هو بس يقصد ربنا .
أسرع نحوه ليسنده بعد أن رآه يحاول تحريك
جسده الضعيف نحو حافة الفراش...ثم أحضر
له ملابسه حتى يغير ثياب المستشفى رؤيته
بهذا الحال مؤلمة و تمزق نياط القلب جعلت
كل الحصون التي بناها ټنهار و دموعه تخذله
لتنزل مالحة مغرقة وجهه مثبتا المتبقي
من تركيزه حتى لا يتخيل نفسه مكانه
مجرد التفكير في الامو فقط يجعله يجن
...مرر راحة يده بسرعة على وجهه
حتى يزيل تلك العبرات الخائڼة ثم أسنده حتى
دلف به الحمام ليشير له صالح بالخروج
حتى يتوضأ و هو يتوسله..
أرجوك يا سيف متسبنيش...متخليهمش
ينيموني ثاني أنا عاوز أصلي .
أغلق الباب وراءه بعد أن طمئنه بوعده
أن لا يترك أحدا يقترب منه...يبدو أنها لعڼة
الحب تنتقل بين أبناء عزالدين حتى تجعلهم
يذوقون طعم الذل و الهوان.. و بعد فريد اللي
كاد يفقد عقله بعد مۏت زوجته الأولى هاهو
صالح يعيد نفس السيناريو من جديد لكن
بتفاصيل مختلفة.....
رأى الباب يتحرك ليطل من وراءه صالح
بشعره المبلل يمد نحوه يده ليتلقفه كطفل
صغير قبل أن يقع جسده كان باردا يرتعش بشدة
و كأنه كان تحت كومة من الثلج يتمسك به
شهقاته التي لم يستطع كتمانها تصل
إلى مسامعه مع كل خطوة يخطوها...
قابلهم الطبيب و معه طاقم من الممرضين
يقفون أمام باب الغرفة منتظرين الدخول
في اللحظة المناسبة و حالما رآهم صالح
تراجع للوراء محتميا به... كان ينظر إليهم
پذعر و يحرك رأسه بنفي و كأنهم جلادون سيأخدونه إلى المشنقة..
لم يحتمل سيف نظراته المړتعبة فلا شيئ يدل
على أن هذا الواقف خلفه هو نفسه إبن عمه
سوى ما تبقى من ملامحه التي تغيرت هي
الأخرى...صړخ بهم على الفور كما كان سيفعل هو
لو كان بكامل قواه..
مش عاوز أشوف حد قدامي... يلا كل واحد
يروح يشوف شغله .
إنسحب الجميع و راقبهم صالح بارتياح
قبل أن يتقدم نحو الإمام من جديد متمتما
بصوت منتحب..كانوا... عاوزين ينيموني
من ثاني...مش عاوزيني أروح اصلي...
ضغط بيده على كف سيف التي كانت تسنده
مضيفا برجاء..أنا مش عايز ارجع على هنا...خذني
معاك يا سيف... خدني لمراتي و إبني .
طمأنه سيف و هو يحثه على السير..
حاضر كل اللي إنت عايزه أنا هعملهولك
خلينا نروح نصلي الأول و بعدين نرجع
القصر.
اومأ له صالح الذي إرتسمت على شفتيه
إبتسامة سعيدة رغم الدموع التي كانت تملأ عينيه....
ليلتفت سيف للجهة الأخرى و يستنشق الهواء حتى
ملأ رئتيه ثم زفرها دفعة واحدة حتى بجلي
تلك الغصة التي أرهقت صدره....
ساعات مرت و سيف لازال يراقب صالح الذي كان يقبع في إحدى زوايا المسجد يحني رأسه للأسفل
ويضع يداه فوق ركبتيه...حركة جسده الذي كان
ينتفض تزامنا مع شهقاته جذبت إنتباه بعض المصلين الذين إعتراهم الفضول لمعرفة اي ذنب إرتكبه هذا الرجل حتى يبكي بهذا الشكل...
مرت دقائق أخرى دون أن تنضب دموعه قبل أن يرفع رأسه للمرة الأخيرة محركا شفتيه بعدة كلمات
خافته و هو يستند بيديه على أرضية المسجد حتى
يقف...كاد يسقط في مكانه لولا ذراعي سيف اللتين
حالتا دون ذلك ليسير به نحو الباب رغم خطواته المتعثرة و أنفاسه المرهقة التي كان يجاهد لأخذها... .
أشار الاخير نحو كلاوس الذي فتح له باب السيارة دون أن يجرأ على الاقتراب بعد أن أوقفه سيف بعيون حازمة الذي عانى حرفيا حتى لا يتأذى
صالح أو يسقط هو يدخله السيارة....
جلس وراء المقود و هو لا يزيح عيناه من عليه
كان بائسا ضعيفا و وجهه شاحب من قلة الاكل
فطوال الايام الفارطة كان يتغذى على المحاليل
فقط... فقد نصف وزنه حتى عضلاته المميزة
بدأت في الاختفاء...حتى عظام وجهه برزت الشيئ
الوحيد المنتفخ هو عيناه اللتين لم تتوقفا
عن لفظ ما بداخلهما من دموع مخزنة....
و بصعوبة مفرطة تدارك نفسه محولا نظراته
من عليه موجها إياها إلى الأمام و يحرك
السيارة متجها إلى القصر...
وجد الجميع بانتظاره بعد أن أرسل رسالة
نصية عبر هاتفه لفريد يخبره أنه قد أحضر
صالح معه..إندفعت سناء نحوه لتحتضنه
بين ذراعيها مرحبة به و هي تتظاهر بالتماسك
أمامه رغم أنها تكاد ټموت لرؤيته بهذا الذبول..
حمد الله عالسلامة يا حبيبي .
إبتسم لها صالح نصف إبتسامة اضطر لتصنعها
بعد أن جفف وجهه من الدموع حالما توقفت بهم السيارة...ثم بدأ ينقل عينيه بين الحاضرين
بحثا عنهم لكن لحسن الحظ لم يجدهم
لكنه كان متأكدا من أنهم يراقبونه الان من إحدى الزوايا الخفية أو من وراء احد جدران القصر
اسبوع كامل مر منذ أن سمع ذلك الخبر المشؤوم
و كلمات هانيا لا تزال تتردد داخل عقله و هي
تقولها بكل بساطة لقد ماټت...رغم أنه لا يزال يشك في صدقها حتى الآن لكنه يعترف بأن وقع تلك الكلمة لا يمكن وصفه سوى بأنه قاټل...
عض شفتيه بقوة حتى تذوق طعم الصدأ
عندما شعر بتلك الغمامة
تتشكل أمامه من جديد
ليقنع نفسه بأن ما يعيشه ليس سوى كابوس
و الآن سيدخل جناحه و يجدها تنتظره كما
تعودت دائما... احلام يقظة رسمها بنفسه حتى
لا يضعف أمامهم و هو يحرك قدميه بلا روح
نحو غرفته يداه لا تزالان تتشبثان بسيف
يرفض تركه محتميا به مخافة أن يعيدوه إلى تلك الغرفة البيضاء في المستشفى ..
سمع صوت إغلاق الباب وراءه ليترك جسد ينهار
أرضا و يتعالى صوت