رواية ميراث الندم بقلم الكاتبة أمل نصر
تردد لها
ان شاء الله يا جميلة ان شاء الله.
حين انتهت من لقاءها القصير السعيد وهي ما زالت على حالة الابتهاج كانت في طريقها نحو الذهاب الى شقيقها الذي ينتظرها في السيارة ليقلها الى المنزل تفاجأت بمن يقف لها متصدرا وكأنه كان في انتظارها بل ومتابع لها من موقعه.
كتمت بداخلها زفرة حانقة لتتابع سيرها وتتخطاه متجاهلة حتى القاء التحية نحوه لتستقل بجوار شقيقها في الأمام صامتة بغيظ جعلها تصفق باب السيارة بقوة مما ارتد على غازي لبعقب ساخرا
لوت ثغرها بامتعاض ونظرة غريبة لم يفهمها سوى بعد استماعه للصوت الخشن
ابو غازي.
التف نحو النافذة مجفلا ليبادله ابتسامة باردة يجيب التحية قبل ان يعود لشقيقته بنظرة فهمتها جيدا
اهلا يا واد عمي عامل ايه يا عم عارف
تقدم الاخير حتى مال بجذعه يدنو منه نحو النافذة ويحدثه
تلقى غازي مغزى حديثه بابتسامة متسعة وقد فهم ما يرنو اليه بنظراته الموجهة نحو شقيقته الجالسة كالجماد عينيها في الأمام قاصدة عدم النظر اليه فقال ردا له
وماله يا سيدي اهم حاجة بس تفضل ماسك فيه ليطير منك حكم العجل دا لو راح ياللا السلامة.
قالها عارف قبل أن يكمل سائلا ببعض الجدية
مجولتليش بجى جاي النهادرة تتوانس معانا انا والشباب ولا هتجصر زي امبارح والأيام اللي فاتت.
خرج رد غازي مرددا خلفه بجدية
لا هجصر زي الأيام اللي فاتت النهاردة سهرة المرحوم حجازي مجدرش ما اروحش حتى عشان خاطر عزب واد عمنا دول نسايبه بردك.
اممم.
زام بها عارف يطرق بكف بأصابع يده على سطح السيارة وكأنه مترددا في الذهاب وترك هذه الجنية المتمردة بڠضبها وتجاهلها له فقد فاض به منها ومن معاملتها الجافة تلك في الاخير استسلم ليستقيم بظهره مودعا غازي بقوله
قالها وذهب تاركا روح في مرمى شقيقها وسخريته
خدتي بالك من الكلام الاخراني واد عمك جاب آخره خلاص دا متكسفش حتى يبينها جدامي الملعۏن.
لوت ثغرها بامتعاض قبل أن ترفع طرف شفتها باستنكار قاطع اذهب العبث من وجه شقيقها ليعقب قبل أن يدير محرك السيارة
في اليوم التالي
بداخل غرفتها وبعد أن حممت طفلها وقد كانت تمشط له شعر رأسه بعد ان ارتدى ملابسه النظيفة المعطرة والتي تجعله كقعطة الحلوى لها كل دقيقة بابتهاج
حبيب ماما يا ناس الجمر ده هات تاني يا واد .
اوقفها صوت هويدا تنادي باسمها بعد ان طرقت على باب الغرفة
يا سلام طبعا أكيد اتفضلي يا عمتي هو انتي غريبة عشان تستأذني
تلقت هويدا ترحيبها لتدلف بخطواتها الرزينة تبادرها بالسؤال
امك مش باينة يعني من الصبح لحجت تمشي ولا ايه
اجابتها بدون تركيز وقد انشغلت برفع باقي ملابس صغيرها المتناثرة على التخت
امي راحت تشوف حالها بجى كفاية عليها اربعين يوم مربوطة جمبي.
على عكس ما تتوقع من رد وجدتها تقول
كويس برضوا خلي الدنيا تمشي ما هي عمرها ما هتفضل واجفة كدة على طول.
توقفت عما تفعل لتلتف إليها سائلة بعدم فهم.
جصدك ايه يا عمة انا مش فاهمة
سحبت هويدا نفس طويل واخرجته قبل أن تجلس على طرف السرير تدعوها بلهجة جادة
اجعدي يا نادية انا عايزاكي في كلمتين.
سمعت منها لتجلس جوارها بعد أن وضعت الصغير بجوار العابه على الأرض قائلة بتوجس
نعم يا عمة خير
كل خير ان شاء الله يا بتي.
تمتمت بها هويدا ثم صمتت وقد بدا التردد يعلو قسماتها وكأن الكلام ثقيل على شفتيها قبل أن تحسم سريعا بقولها
شوفي يا بتي انا عايزاكي تسمعي كلامي زين وتركزي فيه اللي هجوله دلوكت دا عشان مصلحتك ومصلحة ولدك جبلك فهمتي الأخيرة مصلحة ولدك جبلك ركزي عليها جوي دي.
زادت على وجهها علامات الاستفهام المختلطة پخوف يلوح في الأفق من شيء لا تعلمه فخرج صوتها بقلق متعاظم ما تجولي يا عمة وجعتي جلبي ماله ولدي
في الأسفل
كانت سکينة تتمتم بالذكار على سبحة زوجها التي هجرها منذ رقدته الأخيرة بالمشفى يصارع مصيره متعمدة عدم الالتفات نحو هذا الذي يقطع الصالة بجوارها دون هوادة بقلق من ينتظر نتيجة فحص امتحان تحديد مصيره
ضج من تجاهلها له حتى اقترب يجلس بجوارها يسألها مباشرة
تفتكري هتجبل يا جدة ولا امي هتعرف تقنعها
توقفت عن تسبيحها لتلتف اليه تجيبه بحدة
وايه لزوم التخمين والسؤال ما تتصبر اللحضة دي ولا مش جادر تصبر
عبس ينتفض من جوارها متمتما بحرج
وه ايه لزوم الكلام الواعر ده ما احنا اتفجنا من الاول